[color=red][size=18]اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ ..شر

حَدَّثَنَا عَبْدُالْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِاللَّهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي الْغَيْثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ قَالَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلاتِ-حديث صحيح رواه البخارى

هذا الحديث شمل أكبر الذنوب وهو الشرك بالله وهو الذي لا يُغْفر إلا بالإسلام ويدلّ على ذلك آيات منها قوله تعالى: {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} أي قل يا محمد للمشركين الذين نشأوا على الكفر يغفر لهم ما قد سلف بالانتهاء عن الشرك، قال الفقهاء: الردة أفحش أنواع الكفر وذلك لأن الردّة إن رجع صاحبها إلى الإسلام يغفر له كفره الذي كفره وأما سائر ذنوبه التي أتى بها قبل الردة وفي أثناء الردة فإنها لا تسقط عنه. ومعنى "أفحش" هنا أي أقبح وإنما قبحها في أنها خروج من الإسلام الذي هو الحق إلى الباطل الذي هو الكفر. وليس المعنى أن كل أنواع الردة أشد من كفر الكافر الأصلي لأن كفر الكافر الأصلي قد يكون أشد من كفر المرتد. أما أشد الكفر فهو كفر التعطيل (قول لا إله والحياة مادة) وكفر أهل الوحدة المطلقة (قول الله جملة العالم) وكفر أهل الحلول (قول الله يحل في غيره).

وأما قوله عليه الصلاة والسلام “والسحر” فمعناه ما هو مزاولة أقوال وأفعال خبيثة ومن السحر ما لايتوصل إليه أصحابه إلا بالكفر كأن يبول على المصحف أو يدوسه بقدمه، أو يسجد للشيطان، ومنه ما يتوصل إليه بارتكاب الكبائر. وقد ثبت وجود السحر بالقرءان وبالحديث، قال عليه الصلاة والسلام: "ليس منّا من تكهّن أو يكهّن له وليس منا من سحر أو سحر له "المعنى أنّ من فعل ذلك فاسق من الفاسقين يستحق عذاب الله.

وأما قوله عليه الصلاة والسلام: “وأكل مال اليتيم” أي مال اليتيم أكله محرم ومن الكبائر، بدليل قوله تعالى: {إنّ الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا}.

ومن الكبائر أيضا قتل النفس التي حرّم الله إلا بالحق. قال عليه الصلاة والسلام: “إذا اقتتل المسلمان للدنيا فالقاتل والمقتول في النار. قال بعض الحاضرين يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول قال إنه كان حريصا على قتل صاحبه” المعنى أنّ هذين المسلمين اللذين تواجها للقتال بسيفيهما وكان كل منهما يقاتل على الدنيا فسبب استحقاقه النار في الآخرة هو أنه كان حريصا على أن يقتل صاحبه فبنيته وعمله استحق عذاب الله فكونه مقتولا لا يرفع عنه استحقاق العذاب.
وقد نهى الله تعالى عن قتل الأولاد خشية الفقر معلما إيّانا أنه هو يرزقهم. ولا يدخل فيمن ذكرنا من قتل دون دمه لأنّ الرسول صلى الله عليه وسلم صحّ عنه أنه قال فيما رواه مسلم: “من قتل دون دمه فهو شهيد” وذلك لأن الإنسان الذي يقتل لدينه فشهادته ظاهرة لا خفاء فيها. وكذلك ذكر مع هذا ثلاثة آخرين أحدهم من قاتل دون أهله فقتل ومن قتل دون ماله. فأما من قتل دون أهله فمعناه أنه أراد إنسان التعدي على زوجته لفعل الفاحشة بها فدافع عنها فقتل فإنّ هذا الزوج المقتول شهيد يقال له شهيد الآخرة وأما المقتول دون دمه فهو الذي أراد شخص أن يقتله لأنه يحقد عليه ويضمر له عداوة فأراد أن يشفي غيظه بقتله ظلما فقاتل دون دمه فقتل فهو شهيد. وأما الذي يقتل دون ماله فهو الذي قصد شخص أخذ ماله ظلما فدافع عن ماله فقتل فهو شهيد. والقتل يجب فيه القصاص في كثير من الأحوال مع الكفّارة. وتفصيل ذلك مذكور في كتب الفقه.

وأمّا قوله صلى الله عليه وسلم: "والفرار من الزّحف" فتفسيره أن المؤمنين يحرم عليهم أن يفروا وذلك في حال لم يزد الكفار على مثلي المسلمين أما إن زاد الكفار على مثلي المسلمين فيجوز لهم الفرار، وكذلك يجوز لهم الفرار إذا كان سلاح الكفار أشدّ وأقوى بحيث لا يقاومه سلاح المسلمين، والفرار من الزحف يعنى به ما بعد الحضور إلى أرض المعركة لأنّ الذي يهرب من المكان الذي فيه المسلمون وتجمعوا فيه للقتال يكسر قلوب الآخرين .(هذا في الجهاد في سبيل الله).

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "وأكل الربا" أي يحرم أكل كل مال يدخل على الشخص بطريق الربا، والمراد بالأكل هنا الانتفاع به سواء كان أكلا واصلا للبطن أو انتفاعا باللبس أو انتفاعا بغير ذلك من وجوه التصرفات بأنواع الانتفاعات فهو كبيرة سواء في ذلك الآخذ والدافع والعامل في ذلك بنحو الكتابة لعقود الربا بين المترابيين لحديث: "لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه".

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات" فهو الطّعن بالمسلمة العفيفة بالزنا. والرسول صلى الله عليه وسلم ما أراد حصر الكبائر كلّها في هذا الحديث. فقد ذكر في غير هذا الحديث شهادة الزور وضرب المسلم بغير حق واليمين الغموس عدّها الرسول من الكبائر وهي كأن يكون لشخص مسلم على شخص آخر مال فأنكره فقال له الحاكم احلف أنّ هذا المال ليس له عليك فحلف فهذا يكون بحلفه هذا أضاع حق مسلم، وسمي باليمين الغموس لأنه يغمس صاحبه في الذنب، ومن الكبائر أيضا التضمخ بالبول لغير حاجة. قال عليه الصلاة والسلام: "استنزهوا من البول فإنّ عامة عذاب القبر منه" أي أكثر عذاب القبر منه. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الطهور شطر الإيمان" أي نصف الإيمان.
والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.